ذات يوم ، وبعد عناء طويل من أعمال المنزل والتنظيف وتجهيز الغداء ، عاد زوجي من العمل وهو متعب ، فقال لي بنبرة غريبة : احملي حقيبتك واذهبي إلى أهلك الآن ، فنظرت إليه بدهشة : ماذا ؟ قال : دون أسئلة دون إستفسارات ، احملي حقيبتك واذهبي إلى أهلك الآن ، ولن أكرر ما قلته .. ظننت في بداية الأمر أنه يمزح أو أن نفسه تتوق إلى إحدى مقالبه تلك ، فقلت : ولماذا يا زوجي الحبيب ؟ فردّ بعنف : أنا قلت لن أكرر الكلام ثانية ، وصرخ : هيا اذهبي الآن لا أريد رؤيتك ، حينما استوعبت أن الأمر حقيقة لا مزاح ، حاولت أن أعرف منه السبب ، فربما سمع عني كلام وصدقه ، ولكنه لم يعطيني فرصة للتفاهم ، هنا بكيت وجلست عند ركبتيه أرجوه أن يعطيني فرصة أخيرة للعيش معه ، فمن ذا الذي سيتقبلني بعده ، أنا وأطفالي ، فقال دون رحمة : ستذهبين أم سيكون ما لا تحمد عقباه ، فقلت : هل ستطلقني ، قال : لا ولكن اذهبي الآن لا أريد رؤيتك
قلت : أريد أن أعرف السبب !
فعاد يصرخ بعنف : هيا اغربي عن وجهي ولا تكثري الحديث معي،
فأخذت بيده أقبلها وأرجوه أن يسامحني إن بدر مني خطأ ولن أكرر ذلك الخطأ إطلاقا بالرغم من أني غير مقتنعة بذلك ولكن هذا هو الحل الوحيد لتهدئة أعصابه ،
لكن دون جدوى
استسلمت للواقع المرير وجهزت حقيبتي
وكان منزل أهلي يبعد عنا مسافات ليست بالقصيرة وكان الجو حاراً شديد الحرارة والساعة الآن تقترب من الثانية ظهراً فذهبت إليه وحقيبتي في يدي وقلت هيا أنا جاهزة
قال : وماذاتنتظرين أليْس لديك رجلين تذهبي بهما لمنزل أهلك
قلت ولكن الجو حار ونحن في فصل الصيف وأخشى أن أُصاب بضربة شمس في هذه الظهيرة ولا تنسى أن الحقيبة كبيرة وثقيلة أيضا
قال : ستذهبين الآن سيراً على الأقدام ولا أريد أن أكرر ما قلته هيا اذهبي
...
مسحت دموعي الحزينة وخرجت من منزل زوجي وأنا أجرّ تلك الحقيبة ذاهبة إلى منزل أهلي حيث أمي وإخوتي ، وحتى الآن لم يعلم بي أحد ، وعندما وصلت وكدت أن أسقط من الإعياء والتعب والعرق البادي على جبيني وعلامات الحزن والأسى على محيّاي
نظرت لي أمي بدهشة وتساءلت ، فأخبرتها عمّا جرى
فما كان منها إلا أن أجلستني تحت التكييف البارد وأحضرت لي كوب ماء لأنتعش به ، ثم نادت أخي وطلبت منه أن يصحبني إلى منزل زوجي و بيّـنت له أنني متعبة ولن أستطيع العودة في ذلك الجو وتلك الحقيبة ، وأنه من واجبه أن يعيدني بسيارته ليخفف عني التعب ، نظرت إلى أمي بدهشة وقلت لها أن الرجل الآن لا يريد رؤيتي كما قال وسأجلس لأيام معدودة ثم أذهب ولن أطيل المكث هنا
ولكن دون جدوى ، أصرّت أن أذهب وأنها لن تفيدني بشيء إن مكثت عندها سواء طالت المدة أم قصرت وعليّ بالعودة الآن دون تأخير
أكملت بكائي وركبت سيارة أخي وأخذني ليعيدني إلى ذلك الزوج وما إن وصلت حتى قابلته ولكنه لم يتفوّه بكلمة ولم تبدُ عليه أية علامة ، حزن فرح سرور غضب ، لم أفهم منه شيء إطلاقاً
جلست في منزلي ودعوت ربي أن يفرج عني وألا تتكررتلك المواقف والتي حتى الآن لم أعرف سببها ،
من زوجي ومن أمي .
(( من الواقع المعاصر ، أحببت أن أنقلها لكم ))