لن تكون هناك وحدة بين حركتي حماس وفتح ، ومن يظن أن هذه الوحدة يمكن حدوثها فهو واهم لاختلاف الحركتين أيدلوجياً وسياسياً ..
قد يتساءل البعض ولماذا كل هذا الحديث عن الوحدة طالما أن الأمر كذلك ؟..
نعم هناك حديث عن الوحدة ولكنها (مع) وليس (بين) ..
الحديث الذي يجري هو وحدة مع فتح -وبقية الفصائل أيضاً - على الثوابت والمصلحة الوطنية .. هذه الوحدة هي التي تنادي بها حماس وإن كان هناك تلكؤ من قبل حركة فتح ، فهذا لأن الأخيرة تفتقد لرأس قيادي يمثلها ويتحدث نيابة عنها ويلزم من يليه في التسلل القيادي بما تم الاتفاق عليه .. الثوابت عند حركة فتح ملف مختلف عليه تنظيميا داخل الحركة .. فبعض القادة في الحركة لا يولون اهتماماً لقضية اللاجئين ومستعدون للتنازل عن حق العودة مقابل تعويض مادي أو معنوي باعتذار أو اعتراف بالمسؤولية .. كذلك قضية القدس والمسجد الأقصى وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وأسلوب التعامل مع ملف الأسرى ومقياس التعاون مع المحتل في الأمور المدنية والعسكرية .. كل هذه الملفات وغيرها مختلف عليها داخل حركة فتح ومحل بحث ونقاش رغم أنها تمس الثوابت التي لا يمكن المساس بها ..
لا نية لحركة حماس بالتدخل فيما يتم مناقشته داخل حركة فتح ، ولكنها تقف بحزم حين يتطوع فريق من الحركة لإبرام اتفاق أو إطلاق مبادرة تسوية كالتي قادها ياسر عبد ربه مصطحباً معه عدد كبير من قادة فتح .. في هذه الحالة يكون موقف حماس أقوى بكثير من موقف بعض قيادات حركة فتح ومن بينهم ياسر عرفات الذي رفض مبادرة جنيف ولكنه لم يستطع لجم العناصر التي سعوا إليها ، بينما نجحوا هم في تسهيل استبداله قيادياً وهو على قيد الحياة ومن ثم اغتياله لاحقاً ..
لا يعني حركة حماس وجود أشخاص في حركة فتح يحملون أفكار ياسر عبد ربه المشوهة أو يأتمرون بإمرته وإمرة أمثاله .. ولكن حين يلتزم هؤلاء بما تقره القيادة في حركة فتح مع حركة حماس بعدم المساس بالثوابت ، فيمكن لحماس حينها عقد اتفاق وحدة مع فتح على هذا الأساس .. أما ما تبقى من مسائل عالقة مع الاحتلال ، يتعامل فيها الجانبان كل على طريقته وبأسلوبه وحسب رؤيته والزمن كفيل بأن يعيد المخطئ إلى جادة الصواب ..
هناك من ينظر لكلمة وحدة على أنها وحدة بين أيدلوجيتين مختلفتين عن طريق الإذابة أو الانصهار .. أو بمعنى أصح ، دمج بين الحركتين العلمانية والإسلامية .. هذه نظرة خاطئة ، وفي كثير من الأحيان متعمدة لاستخدامها في التشويه من قبل من نصبوا أنفسهم وكلاء عن الذات الإلهية .. فكما لكلا الحركتين ثوابت مشتركة ، هناك ثوابت أكثر قدسية تخص كل حركة على حدا .. فحماس مشروعها إسلامي وهو لا يتفق أو ينسجم وغير قابل للذوبان بأي حال من الأحوال مع مشروع أخر .. وحركة فتح أيضاً مشروعها علماني وقد نشأ على فصل الدين عن السياسة وهو غير قابل للاندماج أو الذوبان مع مشروع أصوله ومبادئه عقائدية بحتة ..
قد نجد مواقف حماس متطابقة أو متقاربة مع مواقف دول وأحزاب وجماعات مختلفة بصرف النظر عن المسميات التي وحدت هذه المواقف ، ويمكن للحركة الاستفادة من هذه المواقف من خلال برامج وحدة موقف تتعامل فيه وتتعاون من خلاله على هذا الأساس دون المساس بثوابتها العقائدية والسياسية .. لذا ثمة فرق كبير بين وحدة (مع) على مواقف محددة ، ووحدة مطلقة (بين) على كل المواقف ..